الجمعة، 9 مايو 2014

صناعة الإباحية

إنها صناعة جديدة ، صناعة شيقة ، و منتوجها المزعوم أنها للكبار فقط ، و كأن الفيلم لن يدخل ليراه كل شاب مراهق مفعم بالهرمونات المتسارعة يسمع في غلاظة صوته مايؤهله لمشاهدة هذا الجسد أو ذاك ...أقصد هذا الفيلم أو ذاك. لقد انتقلنا من عصر صناعة السينما الذهبي في مصر إلى عصر صناعة الإباحية .

عزيزي المخرج أو المخرجة الشابة ، إحجز نسختك الآن من كتيب " كيف تصنع فيلماً إباحياً " قريباً في الأسواق ، و إليكم بعضاً مما يحتويه:  كيف تستخدم الكم الأمثل من الجسد البشري في كل لقطة على حدة ، كيف توظف الإيحاءات الجنسية بكفاءة ، كيف تستخدم أكبر قدر من الشتائم و الألفاظ الخارجة في كل سطر من الحوار القائم بين الممثلين .


هناك أسطورة زائفة يعتمدها صانعي الأفلام المصرية مفادها أنه على قدر العري في كل مشهد يكون الفيلم ناجح و المخرج متمكن في نقل صورة حية من الواقع الذي نعيشه .و برغم أنه حاولت موجة أخرى اعتلاء المشهد السينمائي بقياس مقدار اللون الأحمر و الدم الزائف المتطاير من الممثلين أثناء الفيلم ، إنما يرجع دائماً المخرجين لصوابهم و يعودون لمصدر الدخل الأول للسينما المصرية و هو كمية اللقطات المختلفة لنفس الجسد العاري لهذه الممثلة أو تلك و مشهد ممارسة الجنس القصري الذي تكون فيه الممثلة الشبه عارية ضحية "غلبانة" للوحش المفترس و هو البطل الممثل .


 و الإبداع حالياً تخطى هذه المرحلة لندخل في مرحلة جديدة و هي إستخدام الأطفال و المراهقين أنفسهم في تزويد الفيلم بالمشهيات الكافية لتحقيق الأهداف التسويقية لمنتج و مخرج الفيلم لأنهما في الأخير يستهدفان نفس الفئة العمرية المراهقة بالإضافة بالطبع لكل شاب أو رجل مكبوت قد يدخل السينما لمشاهدة مثل هذه الأنواع من الأفلام .
أصحاب الفلس الإبداعي و فاقدي الموهبة الحقيقية الذين لا يرون من صناعة السينما غير الإباحية تغافلوا عن تعلم الحرفيات الحقيقية لهذه الصناعة ، فأنصحهم بالتركيز على المهنية و الحرفية و ملاحقة الإبداع  و محاولة تشربه من أرباب هذه المهنة .


إن الأفلام الأمريكية في هوليوود لا تعتمد بشكل أساسي على العري إلا إذا كان الفيلم نفسه من نوعية "البورنو" و هذه صناعة أخرى بحد ذاتها بخلاف صناعة السينما الإبداعية ، و الابداع هنا في كل تفصيلة صغيرة بالفيلم من إضاءة و تصوير و مؤثرات صوتية و مؤثرات بصرية و ديكورات و موسيقى الفيلم و الأغاني المصاحبة .


و كذلك الحال في أفلام بوليوود المبدعة في جميع التفاصيل من إضاءة وموسيقى تصويرية و توظيف جيد للألوان الزاهية و المبهجة في الديكورات و في الملابس و توظيفها مع الحبكة الدرامية للفيلم و بالطبع السمة الأساسية في كل الأفلام الهندية و هي الرقصات الهندية في جميع حالات الممثل من حزن و فرح و غضب و إنتصار .

كل هذه العناصر المختلفة يتم توظيفها بحرفية شديدة للخروج بالفيلم في شكله الإبداعي الأخير الذي يبهرنا و يجعله يلف بلدان كثيرة على إختلاف ألسنتها، حيث يتفق المشاهدين جميعهم في شتى بقاع الأرض على إبداع و حرفية و جمال الصورة و الفيلم و يتم ترجمة كل ذلك عند شباك التذاكر .
يا أصحاب المواهب الحقيقية، أخرجوا إلى النور فلقد ضج المجتمع من كمية الفظاظة و الإباحية التي يطعمونا إياها فاقدي الموهبة و أصحاب الفلس الإبداعي في الأفلام السينمائية أو في الدراما التليفزيونية و مأساتها أعظم .

نحن في إنتظاركم لتخرجوا بنا من هذا المستنقع ... نحن في إنتظاركم لتحلقوا في سماء الإبداع ، و لترونا من إبداعاتكم ما من شأنه أن يثري عقولنا و يرفع همتنا، و لتكفوا أيديكم عنا و عن شبابنا أيها المنتجين صانعي الإباحية فلقد إكتفينا .

منى الكيال 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق