الثلاثاء، 12 أبريل 2016

ملكة جمال المحجبات ...وتجارة الإبراشي

بقلم: منى الكيال
انتهت مسابقة ملكة جمال المحجبات بنجاح كبير، أكبر بكثير مما بدأت به، وتابعت تغطية قناة دريم والسيد وائل الإبراشي للموضوع. ولي عدة ملاحظات على هذه الحلقة:

كان اللقاء ذو طابع ودي في البداية مع التنويه عن أن الهجوم قادم بعد قليل فاستعدوا له.... وقد بدأ الإبراشي فقرته بالتأكيد مراراً أن الحجاب ليس دليل على الفضيلة أو الإحترام، وأن الكثيرين يتمتعون بالفضيلة بدون الحجاب وهذا بالطبع رأيه الخاص ثم حاول التقليل من المشاكل التي تتعرض لها الفتاة المحجبة في مجال العمل وبدا مندهشاً عندما سمع أن هناك مهن ترفض المحجبات، ولا أدري أهو ليس على دراية كافية بما يحدث للفتيات في بلده أم هو لا يعتبر أن الفتاة المحجبة أصلاً لها الحق في العيش والدراسة والعمل بحرية؟؟!!

وهل يجب علي الفتاة أو المرأة المحجبة أن تتوارى عن الأنظار أو تكتفي فقط بما يتم منحه لها في بعض الأشغال التي تتناسب مع شكل وماهية الحجاب والتي رفض من البداية أن يكون دلالة على الإحترام أو الفضيلة.



جاء كلامه متناقداً، فا تارة يقول أنها حرية شخصية أن ترتدي كل فتاة ما تشاء وأن الملابس لا تدل على درجة التدين أو الإحترام ثم يرجع ليبرر عدم قبول الفنادق المصرية مثلاً عمل الفتاة المحجبة بها ذلك لأن الفنادق بها أماكن للخمور وملاهي ليلية و حمامات السباحة والتي تتنافى مع شكل الحجاب، فإذا كان الحجاب هو حرية شخصية وليس علامة على التدين أو الاحترام فما يضيرك أن تعمل بهذه الأماكن من ترتديه ، أم أنك تخشى على مشاعر الفتاة من الأذى ، وكان الأولى بك أن تخشى على مشاعرها من الأذى الذي يقع عليها عندما يشترط عليها مدير العاملين بالفندق أن تخلع الحجاب وهي تدخل باب الفندق وترتديه عندما تخرج منه.

لم يفتح الإبراشي الإتصالات للتعليق على هذا اللقاء منذ بداية الحلقة واكتفى في النهاية ببعض المداخلات التي لم تأخذ وقتها إلا المداخلة التي كانت تهاجم ماهية المسابقة وشكل الفتيات المشاركات والإدعاء أن هذه المسابقة وشكل الفتيات يتنافى مع الدين الإسلامي، بل وطلب منه الإبراشي أن يظل معه على الخط. و نسي أن يسأل الإعلامي المخضرم السيد وائل الإبراشي المتصل عن ما خلفيته الدينية وهل هو شيخاً مجازاً من الأزهر مثلاً ليحكم على شكل وحقيقة المسابقة أو الفتيات المشاركات أو أن المتصل نفسه قد حضر أو شاهد فاعليات المسابقة أو جتى علم بشروطها، فكان الأولى بالسيد وائل الإبراشي وبفريق إعداده أن يستضيف أحد شيوخ الأزهر المتخصصين للتعليق على قبول الدين الإسلامي لمثل هذه المسابقات من عدمه.

وجاء إنتقاد الإبراشي لهذه المسابقة مبني على أساس أن المنظمين وصاحبة فكرة المسابقة استخدمت "الحجاب" في أمور التجارة و "البيزنس". ولا أعلم حقيقة وليس لدي أي تفسير عن ماهو عيب التجارة ، فجاء مناقداً لنفسه مرة تلو الأخرى، فهو من الأساس نفى كون الحجاب هو دليل على الفضيلة أو الإحترام، فما يضيره إذاً إن حولنا الحجاب لأحد معايير الجمال عند بعض فئات المجتمع المصري واستخدمناه في أمور تجارية، هذا إذا سلمنا بفرضية أن الحجاب ليس دليل على الإحترام أو الفضيلة ولا التدين من الأساس.


  
 تطرق الإبراشي في سياق الحلقة إلى هجومه وانتقاده لمسابقات الجمال بصفة عامة التي كانت تقام في السابق لأنها تعتمد على منظومة كبيرة من البيزنس والتجارة والتي تنتهي في النهاية إلى استخدام الفتيات في أغراض أخرى.  وأريد أن أشكره الحقيقة لأنه تطرق إلى هذه النقطة لأن هذا إنما يدل على أن مسابقات الجمال التي تتم على أساس أن "العُري هو مقياس الجمال" في الغالب تنتهي إلى "أغراض أخرى" .
فكان حريٌ به أن يدعم فكرة مسابقات الجمال القائمة على جمال المظهر المحتشم والثقافة العامة بدلاً من تلك القائمة على شكل جسد الفتاة في "المايوه البيكيني" والتي يرفضها المجتمع أصلاً وهاجمها الإبراشي في السابق.
حقيقة إذا ما أمعنا النظر نجد مدى التطور الذي وصل إليه العالم من حولنا ومدى التقدم الذي وصلت إليه الأمم الأخرى التي كنا نظنها أقل من أن ترقى لمستوى العالم الثالث الذي نحن فيه.  

بصفة عامة لم يعوق الحجاب أو الإحتشام الدول الأخرى من التقدم والتطور مثل سنغافورة وماليزيا والإمارات على سبيل المثال لا الحصر، ولم تعوق مضيفة الطيران بحجابها تحليق الطائرات في إحدى المرات أو أن يحصل طيران الإمارات مثلاً على المركز الخامس عالمياً وطيران الإتحاد المركز السادس مع أن زي المضيفات يحتوي على طرحة (ياللدهشة !!!)

لم يعوق الحجاب المذيعات المحجبات من تقديم نشرات الأخبار على قناة البي بي سي ولا تقديم برامج المنوعات والمسابقات والأخبار الخفيفة على قنوات دبي وغيرها ، ولكن يظل صاحب القرار الإعلامي في مصر يضع المذيعة المحجبة في خانة البرامج الدينية هذا إن وُجدت أصلاً مذيعة محجبة في القناة.
آمن منظموا مسابقة "ملكة جمال المحجبات" بفكرة أن الحجاب ليس إعاقة للفتاة ولكنه إختيار لشكل المظهر وهو حرية شخصية، واشتغلوا بصدق على فكرتهم واجتهدوا، فإذا تطور الأمر ليصبح "تجارة" فهي تجارة محمودة بكل المقاييس وتطور في الفكر الإنساني لمعتقد الحرية الشخصية.

فإذا أردتم فالتعاونوهم أو لتتركوهم يعملون ويجتهدون في صمت، لأن تجارة ملابس المحجبات هي قائمة بالفعل وليس بالشيء العجاب لمن لم يعرف من قبل. فهنيئاً لهم أن طوروا مجهوداتهم إلى أن تبلورت في شكل هذه المسابقة. تحاسبونهم على اجتهادهم ورقيهم وما زلتم تتشدقون بحرية المعتقد والملبس. فلتكفوا أيديكم عنهم واستخدموها بدلاً من ذلك في التصفيق لهم ولتفانيهم في العمل ومجهوداتهم التي أثمرت في النهاية هذه الثمرة الطيبة.