الثلاثاء، 3 أبريل 2012

"بعض من السعادة "


هل أنت ربة منزل متفرغة تهتم بشئون منزلها على مدار الساعة ؟
هل تشعرين أحياناً أنك غارقة في تفاصيل الأعباء اليومية الكثيرة ؟
هل دائماً تؤجلين اهتماماتك  الشخصية إلى آخر قائمة أعمالك اليومية ؟
إذا كنتِ ربة منزل ، زوجة و أم  و تشعرين أنك محاصرة في روتين يومي لا ينتهي  ، و كأنك أسيرة داخل منزلك ، فيجب عليك أن تبدئي في صنع بعض التغيرات في حياتك لكي تشعري أنك على قيد الحياة من جديد و أنك تتمتعين بقدر من الحيوية و النشاط اللذان يؤهلانك لكي تكملي دورك في الحياة بنجاح .

كونك زوجة و ربة منزل لا يعني أنك تنازلتِ طواعية عن حياتك الشخصية  كامرأة لها اهتمامات و تطلعات بل و طموحات ترغب في تحقيقها مثلك في ذلك مثل جميع البشر .
يجب أن تضعي لنفسك أولويات وقتية تتغير بتغير الوقت .أية ربة منزل نموذجية سوف تجيب على الفور إن أولادي هم الأولوية الأولى في حياتي ، و هذه حقيقة لنا جميعاً . و لكن دعيني أسألك بعض الأسئلة ، هل تستطيعين أن تعتني جيداً بأولادك إذا كنت بصحة غير جيدة ؟ هل تستطيعين تلبية احتياجات زوجك و أولادك و منزلك إذا كنت منهكة و متعبة و تعانين دوماً ؟ بالطبع لا ، و هذا يعني أنك يجب أن تهتمي بصحتك الجسدية و العقلية و النفسية جيداً.
و لذلك ، فإن العمل على تطوير ذاتك يجب أن يكون أهم أولوياتك إذا كنت ترغبين في إعطاء بيتك عناية أكبر و مستوى حياة أفضل .

ندى هي ربة منزل نموذجية ، و لكن يملأها الملل ، من حين لآخر تعاني من الاكتئاب لكثرة الفراغ بحياتها . ندى قررت أن تكف عن الشعور بالأسف نحو ذاتها ، و الأهم أنها قررت ألا تنتظر زوجها ليملأ لها الفراغ الذي تعاني منه في حياتها . بحثت بتروي داخل ذاتها لتبحث عن شيء تحبه و تحب عمله ، و جدت أنها تحب الأشغال اليدوية ، قررت ندى أن تأخذ دروس  في الكروشيه ، تعلمت الأساسيات جيداً و تمكنت منها ثم انتقلت إلى الفضاء الإلكتروني .

بحثت ندى على الإنترنت و قامت بتحميل كل جديد تجده على المواقع المختلفة ، و جعلتها عادة يومية لها أن تنمي شيئاً شخصياً تحبه .ندى الآن لها مجموعة على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك به أكثر من 700 عضو يهتمون بأمور الكروشيه و يتداولون أخباره ، و بدأت في بيع بعض القطع التي تصنعها بيديها .
تصف ندى شغفها بأعمال الكروشيه قائلة :إن تمكني من صنع هذه الأشياء الجميلة و عرضها على المهتمين بها أعطاني سبباً شخصياً للاستيقاظ صباحاً  بجانب عمل الإفطار و السندويتشات لطفلي ذو الخمس سنوات و زوجي العزيز الذي يذهب إلى عمله كل يوم من السابعة صباحاً إلى السابعة مساءاً ، لدي الآن دافع شخصي لتطوير هوايتي و جعلها عمل يومي أقوم به و من يدري قد أتمكن من إعطاء دروس في الكروشيه بنفسي ذات يوم .
مريم هي ربة منزل لديها طفلتين توأم سبع سنوات و طفل أصغر أربع سنوات ، يذهبون جميعاً في الصباح إلى مدارسهم و زوجها يذهب إلى عمله و يرجع في الخامسة مساءاً . تقول مريم أنها كانت متفوقة رياضياً على مدار دراستها المدرسية و الجامعية و كانت تخوض الكثير من المسابقات الرياضية على مدار العام ، و لكن بعد الزواج و الإنجاب تبقى بالمنزل طوال اليوم بمفردها مما يدفعها إلى الاكتئاب الحاد .
تقول مريم : "إن أسوأ إحساس يمزقني هو أنني لا أنتمي إلى مجتمع معين لنا نفس الاهتمامات و التطلعات ، طوال حياتي كنت أنتمي إلى فريق كرة السلة بالنادي ، و لكنني الآن بالكاد أقابل إحدى صديقاتي السابقات في فريق السلة فقط عن طريق الصدفة ،نتجاذب أطراف الحديث لبعض الوقت و كلٍ يذهب في طريقه ."
تكمل مريم حديثها قائلة :" أذهب إلى الجيم ( صالة الألعاب الرياضية ) مرة بالأسبوع ، و لكن هذا ليس هدف بحد ذاته ، أعلم أنني يجب أن أوجد لنفسي هواية أو عمل أستطيع أن أتقنه و أعلم أن هذا شيء ليس باليسير ،و لكن ما أعلمه يقيناً أنني يجب أن أتلقى بعض المساعدة الطبية لأن نفسيتي تزداد سوءاً و بدأ غضبي يزداد شيئاً فشيئاً على أولادي و أجدني أحتد دوماً حتى في أبسط المواقف.

يؤكد د/ أنور الإتربي - استشاري النفسية و العصبية كلية الطب جامعة عين شمس-  على أن الدراسات الحديثة أثبتت مدى الأثر السلبي الذي يتركه الاكتئاب على خلايا المخ فهو يؤدي إلى تآكل خلايا المخ بشكل سريع مما يؤثر على الذكاء و على التركيز للشخص المصاب بالاكتئاب.

يقول الإتربي "إن البقاء بالمنزل بدون عمل يومي هو أحد الأسباب التي تؤدي إلى الاكتئاب ، هناك بروتوكول خاطئ مفهوم في مصر و الدول العربية ، أن الأم التي تلقت تعليماً جامعياً أفضل شيئاً لها هو المكوث بالمنزل للاهتمام بأسرتها كما ينبغي و لتعطي العناية اللازمة لبيتها و أولادها ، مع إغفال حقيقة أن الأم العاملة قد تكون أكثر إفادة لبيتها و أولادها من الأم التي لا تعمل."

يضيف الإتربي " أحد الاسباب الأخرى التي تؤدي إلى اكتئاب الزوجة أن الأزواج حديثي الزواج يفتقدون إلى ثقافة التعامل الأفضل مع شريك الحياة ، تمضي حياتهم اليومية بخلافاتهم اليومية و بتأثير من الأهل من كلا الجانبين ، بالإضافة إلى التلوث السمعي من جميع الجهات و الذي يؤدي في النهاية إلى افتقاد روح التعاون و التفاهم فيما بينهما ، فيذهب الزوج يومياً إلى عمله و يترك زوجته بالمنزل فريسة للهواجس و الاكتئاب ."
جاكوب تيتلبوم -طبيب متخصص في الصحة النفسية في الولايات المتحدة الامريكية – (و أحد المتخصصين الذين تستعين بهم مقدمة البرامج الشهيرة أوبرا وينفري) كتب على موقعه الخاص :من الناحية الجسدية ، فإن الاكتئاب يعكس أن كيمياء الجسم بها شيء مغلوط .

إبدائي بسؤال نفسك هذا السؤال البسيط " هل لي العديد من الاهتمامات ؟ "
إذا كانت الإجابة بنعم ،فإن في الغالب ما تشعرين به ليس اكتئاب بمعناه الطبي و لكنه في غالب الامر هي مشاكل طبية أخرى يعاني منها جسدك و لها علاجات غير علاج الاكتئاب .
و لكن إذا لم يكن لك اهتمامات عديدة فإنك في الغالب  تعانين من الاكتئاب و إليك هذه الحلول و العلاجات التي ستساعدك كثيراً.
إن السعادة لها الكيمياء البيولوجية الخاصة بها و التي ممكن  توازنها و دعمها بقوة ، و لنبدأ بالأساسيات :
1-    الدعائم الغذائية هامة للغاية ، فيجب استشارة الطبيب لوصف فيتامينات مكملة جيدة .
2-    ابدئي في برنامج يومي لرياضة المشي .الدراسات أثبتت أن المشي الخفيف بصفة مستمرة له من الأثر الفعال مثل أثر مضادات الاكتئاب.
3-    أحصلي على قدر جيد من أشعة الشمس .عدم التعرض لأشعة الشمس بالقدر الكافي يعتبر من الأسباب الشائعة للاكتئاب ، و تسمى " الاضطرابات العاطفية الموسمية " ، يجب أن تهتمي بذلك إذا كانت أعراض الاكتئاب لديك تزداد في الشتاء .
4-    أحصلي على ثمان ساعات من النوم في الليل و ليس النهار .
و هذه هي الاساسيات فقط  التي يجب إتباعها لإزالة الشعور السيء الذي يرافقك إذا كنت تشعرين بالملل عند استيقاظك صباحاً أو بدأتي تفقدين تركيزك في مهامك داخل المنزل ،اتبعيها و قولي لي النتيجة هل ستنجحين في إضفاء بعض من السعادة على حياتك اليومية ؟
كتبت : منى الكيال
3-4-2012 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق